قائد كوريا الشمالية كيم يونج أون يحضر عرض عسكري ضخم احتفالاً بالذكزى ال70 لإنشاء جيش الشعب الكوري في ميدان كيم الثاني سونج في بيونج يانج في 9 فبراير/شباط 2018. صورة: KCNA/via Reuters
قائد كوريا الشمالية كيم يونج أون يحضر عرض عسكري ضخم احتفالاً بالذكزى ال70 لإنشاء جيش الشعب الكوري في ميدان كيم الثاني سونج في بيونج يانج في 9 فبراير/شباط 2018. صورة: KCNA/via Reuters

في وقت سابق من هذا العام، أعطى  قائد كوريا الشمالية كيم يونج أون أمل للكثير عندما  قال أنه سيتحول من العمل بشكل متوازي على تطوير الأسلحة الإستراتيجية وتنمية الاقتصاد المحلي إلى التركيز حصراً على الشق الإقتصادي للدولة التي تعاني من الفقر رغم وعود الحكومة الكورية لشعبها بأنهم سيعيشون في «جنة».

كان هذا الأمل سابق لأوانه لعدة أسباب، أولها: ما زالت الحكومة تستخرج المواد اللازمة لتصنيع الأسلحة النووية ومازالت تبني الصواريخ لحملهم.

وضع كيم نفسه في وضع صعب – إن لم يكن مستحيل – داخلياً بتصريحه أن النظام سيركز اهتمامه على تحسين الاقتصاد. يتطلب التركيز على الإقتصاد، إعطاء الجيش إهتمام أقل وهو ما قد يكون مصدر عدم رضا ومعارضة كبيرة.

الجيش أم المدنيين

بما أن كيم يمتلك موارد محدودة فتوسيع دائرة اهتمامه لتشمل الدولة كاملة، سوف يعطي الجيش شعور بالتهميش. توجد بالفعل همهمات اعتراض داخل المؤسسة العسكرية، كما تشير تقارير لزيادة عدد الاستقالات بين الضباط. ارتفعت أيضاً نسبة المتهربين من الجيش وزاد شعور بعض الضباط بغياب الفرص الاقتصادية بسبب منعهم من المشاركة في السوق.

هذا موقف خطير، فبدون دعم الجيش، تصبح سلطة  كيم أضعف. لاييمكن تحديد مدى تأثير ذلك إلا أن وجود جيش غير راضي في ديكتاتورية دائماً ما يعني إنقلاب عسكري محتمل ما أن تصبح الظروف مواتية.

يرى أفراد الجيش وضعهم المتميز يندثر تدريجياً، معاملتهم التمييزية تقل ويشعرون بتضاؤل أهميتهم بينما تتحول الدولة ببطء لاتجاه آخر.

لقد كان الجيش بلا شك يدفع كيم بشكل حذر ضد النزع النووي، بالتأكيد على فكرة أن الأسلحة النووية هي الحماية الوحيدة للبلد ولكيم نفسه. إلا أن هذا الإتجاه في مصلحة الجيش.

لقد كان هناك تقارير ماضية عن عدم رضا داخل الجيش. كلفت وزارة التوحيد الكورية الجنوبية دراسة في 2016 وجدت أنه في حالة فشل الحكومة الشمالية في تحقيق تحسن اقتصادي من الممكن للجيش أن يعمل لأجل حكومة تتمحور حوله.

بجانب مخاوف الجيش، رفع كيم سقف توقعات الشعب بعد إعلانه أن الإقتصاد سيكون محور اهتمامه. يبدو أن كيم لم يكن قادراً على السيطرة على الحديث عن التوحيد وعن الفوائد التي ستنجم عن التعاون مع الجنوب.

يشير تقرير أن المواطنين المحبطين لم يروا التقدم الحقيقي الذي توقعوا حدوثه سريعاً. إلا أنهم ما زالوا متمسكين بالأمل. هذا التفاؤل يعتبر مشكلة أخرى.

الوقت الأخطر ليس عندما تكون الأحوال الصعبة ولا عندما تصل لأسوأ حال، ولكن عندما تبدأ الأوضاع في التحسن. الضوء في نهاية النفق بالنسبة لكوريا الشمالية هو رفع العقوبات وبدء التعاون الاقتصادي مع كوريا الجنوبية. يلوح الخلاص بعيداً إلا أن أولئك الذين يعانون لا يستطيعون الوصول إليه بسرعة كافية. في هذا الوقت يكون السخط أكثر خطراً.

نشرت منصة الأخبار الرسمية لحزب العمال الكوري الشمالي مقالة تطالب المسؤولين بحسن التعامل مع توقعات الشعب. يشير كل ذلك لتزايد القلق من عدم الرضا الشعبي.

لا مجال لفوز لكيم؟

قد يكون كيم وضع نفسه بدون قصد في وضع لا يمكنه أن يخرج منه فائزاً في كل الأحوال. إذا حول النظام اهتمامه للإقتصاد على حساب القوات المقاتلة، قد يصل السخط داخل المؤسسة العسكرية لدرجة خطيرة. لقد كان هناك حوادث تمرد سابقة، كما يصف المراسل المخضرم جاسبر بيكير في كتابه الصادر في 2005.

على الصعيد الآخر، إذا اتجه كيم للعناية باحتياجات الجيش، إما للحفاظ على النظام أو نتيجة للضغط المستمر من الولايات المتحدة، قد ينتفض المدنيون. الحكومة الكورية الشمالية قلقة بالفعل من هذا الاحتمال.  بشكل ما، كيم محاصر الآن في وضع صعب، ليس من المرجح أن تقوم ثورة حقيقية، إلا أن السخط، إما في المؤسسة العسكرية أو بين المدنيين أو كليهما سيصبح أكثر ظهوراً وإثارة للمتاعب.

تستطيع الولايات المتحدة الاستفادة من هذا الوضع والتمسك بموقفها القوى: المطالبة بتقدم ملموس في نزع الأسلحة النووية مع الاستمرار في فرض العقوبات. بالتأكيد سوف يعقد هذا من مفاوضات النزع النووي مع الحكومة الكورية ولكن في كل الأحوال من المستبعد أن يتنازل كيم عن سلاحه العزيز في المستقبل القريب.

بالإضافة للإبقاء على العقوبات وتقوية وضعها التفاوضي، على الحكومة الكورية الجنوبية أن تعمل على توفير المعلومات للشماليين. سيؤدي هذا لخنق أكثر بخصوص إصلاحات السوق والفرص الاقتصادية. يجب أن يتم الكشف للشماليين عن الظروف المعيشية والوضع الإقتصادي الأفضل في الجنوب.

ليس أمام كيم سوى طريق ضيق ليستطيع أن يحافظ على رضا أصحاب المصالح المتنافسة لفترة كافية حتى يستطيع الانتقال لاقتصاد سوق تحت سيطرة الدولة وتحسين الوضع الاقتصادي. إذا فشل في ذلك، ستصبح الأوضاع في شبه الجزيرة معقدة بشكل يؤثر على المنطقة كلها.

ترجمة: هبة عفيفي

http://www.atimes.com/article/trouble-may-be-brewing-in-kims-peoples-paradise/