زائر يرتدي عدة الواقع الافتراضي في معرض الصين العالمي للتصدير الأول في شنغهاي. صورة: AFP
زائر يرتدي عدة الواقع الافتراضي في معرض الصين العالمي للتصدير الأول في شنغهاي. صورة: AFP

تدرس شركة «تنست» المسيطرة ذات النصيب العملاق في سوق الإنترنت الصيني بجدية إدخال   الواقع الإفتراضي على تطبيقها ذي الإستخدامات المتعددة «وي تشات» (WeChat)، إلا أنها لم تعلن أي تفاصيل إضافية.

المساحة الطاغية التي يشغلها تطبيق WeChat في الإنترنت الصيني جعلت قيام مؤسس تنسنت ما هواتنج (المعروف ببوني ما) بهذا الإعلان في اليوم الأول من مؤتمر الإنترنت العالمي ووزهن الأسبوع الماضي ذي تأثير مهم. وصل عدد مستخدمي تطبيق WeChat المملوك لتنسنت إلى أكثر من مليون مستخدم نشط في الربع الثاني من 2018، بحسب موقع ستاتيستا.

غامرت تنسنت إلى عالم الواقع الافتراضي للمرة الأولى من خلال إطلاق جهاز ألعاب الفيديو على نظام تشغيل الأندرويد «ميني ستيشن» (MiniStation) في أواخر 2015. يسمح الجهاز للمستخدمين استخدام تليفوناتهم المحمولة ذات نظام الأندرويد للعب ألعاب الفيديو لاسلكياً عن طريق كابل يوصل بشاشات الكمبيوتر والتليفزيون.

اتبعت الشركة خطوات شركة أوكولوس (Oculus) الأمريكية التي أطلقت سماعات «ريفت» باستخدام تكنولوجيا الواقع الإفتراضي الرائدة والتي أعطت شعبية لمبدأ اللعب الانغماسي قبل عام.

لكن الذكاء الإصطناعي لا ينحصر في الصورة التي قدمها المخرج العالمي ستيفن سبيلبرج في فيلمه «اللاعب الأول استعد» الذي يحل فيه الواقع الإفتراضي محل التليفون المحمول. الأبحاث في الصين، وفي اليابان والولايات المتحدة وأماكن أخرى أيضاً، تركز على تكنولوجيا الواقع المعزز (AR) والواقع الإفتراضي (VR) والواقع المختلط (MR).

للتوضيح، تضيف تكنولوجيا الواقع المعزز عناصر رقمية، عادة عبر كاميرا تليفون ذكي حية، وتم استخدامها في لعبة «بوكيمون جو» التي أصبحت ظاهرة عالمية. الواقع الإفتراضي يحجب العالم الحقيقي ويغمس المستخدم كلياً في «عالم آخر». الواقع المختلط يدمج بين الإثنين. تعتبر مؤسسة فرانكلين (Franklin Institute) عدسة هولولنس (HoloLens) من مايكروسوفت وهي عدسة تركب على الرأس وتدعي مايكروسوفت أنها قادرة على عمل كل شيء، أفضل مثال للواقع المختلط.

أصبح العمل في مجال العالم الإفتراضي عالي المخاطر، وكانت سنة 2016 بمثابة تصحيح للتصور غير الواقعي عن هذا المجال حيث فشلت 90% من الشركات الناشئة في الصين في مجالي الواقع الإفتراضي  والواقع المعزز وأغلقت أبوابها. إلا أن الصين تزداد عزيمة على الخوض في هذا المجال.

الواقع الإفتراضي في الحدائق العامة

على سبيل المثال، تم دمج الواقع الافتراضي في حديقة عامة للمرة الأولى في الصين في شهر إبريل/نيسان. تم تنفيذ حديقة «وادي خيال العلم الشرقي» بدعم 500 مليون دولار من الاستثمارات في عاصمة مقاطعة جويزو، جويانج.

إذا بدا ذلك غريباً فيجب الأخذ في الإعتبار أن الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، والرئيس شي جين بينغ نفسه، لديهم اهتمام كبير بتكنولوجيا العالم الافتراضي والعالم المعزز. أشياء غريبة تحدث عندما يدخل الحزب في مجال ويبدأ في تقديم محفزات للاستثمار فيه.

على سبيل المثال، تقوم الحكومة بالفعل بتجريب بعض الاستخدامات للواقع الافتراضي. إحدى هذا التجارب، وفقاً لما نقله راديو آسيا الحرة، تضمنت استخدام نظام واقع افتراضي لقياس ولاء أعضاء الحزب الشيوعي في مركز تعليمي جديد تابع للحزب تم افتتاحه في مقاطعة شاندونج. التفاصيل ليست واضحة ولكن التقارير زعمت استخدام « ألعاب الواقع الإفتراضي الفكرية» لسؤال أعضاء الحزب عن مشروع «الحلم الصيني» الذي يشكل الرسالة السياسية الرئيسية للرئيس.

باختصار، تحصل أبحاث الواقع الإفتراضي والواقع المعزز على دعم حكومي قوي. كان دعم التكنولوجية الانغماسية بند مهم في خطة الحكومة الصينية الخماسية 2016-2020، وتتوقع التقارير أن يصل تمويل مبادرة «صنع في الصين 2025» التي يعتبر تطوير التكنولوجيا محلياً عنصر أساسي فيها، 1.5 مليار دولار.

يقول موقع فنتشر بيت (Venture Beat) الرائد في صحافة التكنولوجيا: «يتم عقد المسابقات الوطنية بشكل منتظم، ومعها تدفق للدعم والخطط التحفيزية والسياسات الداعمة التي تقدمها ترسانة من الجهات الحكومية أصحاب المصلحة، منها مجلس الدولة، وزارة الصناعة والمعلومات، وزارة العلم والتكنولوجيا ووزارة التعليم».

بالرغم من ذلك، فالقطاع الخاص الصيني هو الذي سيقود القفزة إلى المستقبل، وهو ما قد يفسر تأكيد الرئيس شي المتكرر مؤخراً بدعمه. منذ أسبوع فقط، في ندوة مع رائدين الأعمال، قال شي بحسب الإعلام الرسمي: «يجب أن تشعر كل الشركات الخاصة ويشعر كل رواد الأعمال بالقطاع الخاص باطمئنان كامل ويوهبوا أنفسهم للتطوير. المشاريع الخاصة ورائدو الأعمال جزء من عائلتنا».

الدعم الحكومي

في تعليق آخر نقله الإعلام الرسمي مؤخراً، شدد شي على الإستعداد القوي من الحزب لتشجيع ودعم وتوجيه تطوير القطاع الخاص.

يمكن تفسير مثل هذه التصريحات بأنها مطمئنة ومقلقة في نفس الوقت. على سبيل المثال، ما الذي يعنيه الحزب الشيوعي عندما يقول «توجيه» القطاع العام؟ هذا سؤال يحتاج على الأقل للأخذ في الاعتبار في ظل أن القانون الصيني يلزم كل الشركات الخاصة أن تتضمن وحدة للحزب.

كما قال رجل أعمال أجنبي في الصين لرويترز العام الماضي: « ما أن يكون الحزب جزء من إدارة الشركة، يكتسب حقوق مباشرة».

إلا أن القطاع الخاص سيستمر في الإنطلاق للأمام،  بتمويل حكومي في أحوال كثيرة. أغلب الشركات، ومنها الناشئة، المتخصصة في الواقع الإفتراضي والواقع المعزز غير معروفة خارج حدود الصين. أحد الأمثلة التي رصدها موقع «تكنود» المتخصص في التكنولوجيا مؤخراً، هو الذراع التعليمي للشركة التايوانية HTV VIVE، «فيفيدو» (VIVEDU) الذي يركز على السوق الصيني وقد حصل على دعم من المدينة الحاضنة لأعمال التكنولوجية في جنوب الصين «شنزن». طورت الشركة نظام تعليمي باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي تسمح للطلبة في مواقع مختلفة أن يتعلموا معاً في فصل افتراضي.

الاستخدامات الأكثر ووضوحاً للواقع الإفتراضي تتضمن الخدمات الصحية لساكني المناطق النائية والتصميم الصناعي والصناعة، وهي مجالات تركز الأبحاث الصينية عليها بشكل كبير منذ 1995. أكد ذلك الأستاذ المساعد بمركز أبحاث الإلكترونيات الضوئية وتكنولوجيا المعلومات وهندسة الألوان بمعهد بكين للتكنولوجيا وينج دونجدونج في حوار لديلي تلجراف في 2015.

يقول أنيكا ستيبر رئيس شركة إستشارات رقمية مقرها الولايات المتحدة: «يبدو أن الصينيين يقعون في غرام الواقع الإفتراضي. يوجد أكثر من 3000 صالة ألعاب  واقع افتراضي في أنحاء البلد، الكثير منهم داخل مراكز تسوق لجذب المتسوقين».

قد يبدو أن للنشاط البحثي المحموم في مجال الواقع الافتراضي والواقع المعزز تأثير على البيانات الضخمة. قد يكون ذلك حقيقياً. ولكن مع استخدام 98% من الصينيين للانترنت الداخلي (infranet) المحاصر من الحكومة، بحسب ستاتيستا، واستخدام المواطنين خدمات شركات تستضيف وحدة للحزب الشيوعي، تمتلك الحكومة بالفعل كل البيانات الضخمة التي تحتاجها.

المنغص الوحيد هو أن الصين ما زالت تعاني من نسبة استخدام إنترنت منخفضة جداً: 57%. لذلك يكمن التحدي الحقيقي في خفض نسب الفقر وتوسيع تغطية انترنت المحمول.

التباس الجيل الخامس

يجب التطرق لأن الخطط الأكثر طموحاً التي تعلنها الشركات الثلاثة الأكبر في مجال الإنترنت في الصين، بايدو وعلي بابا وتنسنت، تكون أحياناً معتمدة على مزاعم أكثر طموحاً بخصوص ثورة جيل خامس وشيكة.

تصف مجلة PC التعقيدات التقنية الهائلة التي تواجه النقلة العالمية من الجيل الرابع للجيل الخامس في مقال يمكن تلخيصه في أنه لن يحدث قريباً رغم كل الدعاية.

عندما قام رئيس شركة تنسنت بوني ما بإعلان استخدام الواقع الافتراضي في التليفون الذكي، استخدم لغة مبهمة بقدرالإمكان، قائلاً: «لقد سمعت أن خدمة الجيل الخامس التجريبية من شركة تليكوم الصينية تسمح بتحميل تصل سرعته ل1.7 جيجابايت في الثانية، أسرع من الألياف البصرية». إلا أن تجارب خدمة الجيل الخامس وإطلاق الخدمة بشكل واسع شيئان مختلفان تماماً.

يتم القيام بهذه التجارب في مساحات ضيقة جداً – عادة في حدود كيلومتر أو أقل – وهذا يعني عدم وجود عوائق مثل الموجودة في الطبيعة. سرعة خدمة الجيل الخامس عند إطلاقها على نطاق واسع مسألة أخرى.

قال محلل تكنولوجي مقيم في تايباي لآسيا تايمز: «استغرق الجيل الرابع حوالي ثماني سنوات (من 2007 ل2015) للوصول من مرحلة الدعاية والتجارب لمرحلة الإستخدام».

باختصار، أبحاث الواقع الإفتراضي والواقع المعزز ما زالت في مرحلة مبكرة، ومع تقدم اليابان والولايات المتحدة على الصين في الأبحاث، بحسب تقارير عديدة، من الصعب تحديد الرابحين والخاسرين في السباق العالمي تجاه مستقبل افتراضي.

ترجمة: هبة عفيفي

http://www.atimes.com/article/china-vr-research-on-steady-path-to-reality/