مظاهرة للفصائل المسلحة في العراق أمام السفارة الأمريكية ببغداد منددة بقصف كتائب حزب الله. الصورة بتاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2019. AFP / Ahmad Al-Rubaye

تحوّل تشييع جثامين ٢٥ قتيلاً بقصف الجيش الأميركي لمقر كتائب حزب الله في العراق في محافظة الانبار غربي البلد، الثلاثاء، إلى اقتحام متظاهرين غاضبين مقربين من الفصائل المسلحة للمنطقة الخضراء المحصنة وسط العاصمة العراقية، بقصد الاعتصام أمام السفارة الأميركية.

ونصب المتظاهرون خيم اعتصام أمام بوابة السفارة الأميركية في بغداد، والتي تعد أكبر الصروح الدبلوماسية للولايات المتحدة في العالم على مستوى المساحة والعاملين.

وشارك في التظاهرة عدداً من القيادات السياسية والأمنية المقربّة من إيران، وعلى رأسهم رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ونائبه أبو مهدي المهندس، ورئيس منظمة “بدر” وتحالف الفتح البرلماني هادي العامري، والأمين العام لعصائب أهل الحق الشيخ المعمّم قيس الخزعلي، فضلاً عن قيادات لفصائل مسلّحة أخرى في العراق.

وأكد شهود عيان لـ”آسيا تايمز” عدم تعرّض قوات حماية المنطقة الخضراء، وهي قوّات تابعة للرئاسات الثلاث: الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء ومدربة على أعلى مستوى، للمتظاهرين الغاضبين أثناء دخولهم المنطقة المحصنة والتي تضم مقرات البعثات الدبلوماسية والمقار الحكومية العراقية الحساسة. 

وأبلغ مصدر أمني “آسيا تايمز” رفض جهاز مكافحة الإرهاب التدخّل للسيطرة على المحتجين الغاضبين. إلا أن الجهاز قال، في بيان وزّع على وسائل الإعلام، إنه “ينفي تكليفه مهمة حماية أية جهة”.

وأكد شهود عيان داخل المنطقة الخضراء لـ”آسيا تايمز” مغادرة سيارات سوداء مصفحة تابعة للسفارة الأميركية وهي تحمل عدداً من العاملين والمتعاقدين مع الإدارة الأميركية.

وقالت كتائب حزب الله في تصريحات لوسائل إعلام محليّة أن المحتجين سيبقون في اعتصام حتّى إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، بينما نفت نيّتها اقتحام السفارة. 

ووقف أحد المتظاهرين على سور السفارة الأميركية وهو يرفع علم كتائب حزب الله. 

وكتب محتجون على جدار السفارة “مغلق باسم الشعب”. وكتب آخرون “سليماني قائدي”، في إشارة إلى الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس. 

 وتصاعد دخان أسود إثر إشعال المحتجين لإطارات سيارات جانب أسوار السفارة الأميركية.

وألقى متظاهرون الحجارة على الجدراتن الخارجية للسفارة.

وقد تعرّضت بعض جدران وبوابات السفارة الأميركية للحرق، فيما تكسرّت بعض نوافذها.

وبدا أن السلطات العراقية متواطئة في دخول المتظاهرين إلى المنطقة الخضراء ووصولهم إلى السفارة الأميركية، إذ لم يتم نشر قوات أمنية كبيرة لحماية السفارة إلا بعد مرور ساعات طوال.

غضب جراء القصف

ومنذ ليلة الأحد، أشعل قصف طائرات F15 الأميركية لمقار تابعة لكتائب حزب الله المنضوية في الحشد الشعبي غضباً شعبياً ورسمياً في العراق. 

وقد أدى القصف إلى مقتل ما لا يقل عن ٢٥ مقاتلاً بينهم قيادي في الكتائب المقربة من إيران، فضلاً عن إصابة ٥١ آخرين، بعضهم يعاني جروح خطيرة.

وسارعت الرئاسات الثلاث في العراق: الجمهورية ومجلس الوزراء والبرلمان إلى إدانة القصف. 

بدورها، أصدرت غالبيّة الأحزاب الشيعية بيانات استنكار وطالبت بعضها بطرد القوات الأجنبية، وعلى رأسها الأميركية، من العراق.

ودعا مقتدى الصدر الذي يتزعم تحالف سائرون وفصيل مسلح باسم “سرايا السلام” الأحزاب السياسية إلى التكاتف من أجل إخراج القوات الأمريكية من العراق.

ولوّحت الفصائل المسلّحة بالرد على قصف كتائب حزب الله. وهدّد أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، بـ”رد قاس” على قصف مقر الكتائب في الانبار.

واعترف رئيس مجلس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي بتلقي إبلاغ من الإدارة الأميركية بضرب كتائب حزب الله في العراق.

وقال عبد المهدي، الاثنين، “وزير الدفاع الأمريكي (مارك إسبر) أبلغنا بأن القوات الأمريكية ستقوم بالهجوم على مواقع حزب الله وأن هذا الأمر سيجري بعد ساعات”، وأضاف “أبلغنا وزير الدفاع الأمريكي رفضنا للهجوم وطلبنا البحث فيه وجه لوجه لكنه أكد أن القرار قد اتخذ”.

وأشار عبد المهدي “حاولنا عرقلة ومنع القصف الأمريكي لكن كان هناك إصرار على تنفيذه” من الجانب الأميركي.

التسارع الكبير في الأحداث، والخوف من انجرار العراق إلى ردّ قد يؤدي إلى تأجيج الأزمة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية أخرج علي السيستاني، المرجع الشيعي الأعلى في العراق، عن صمته.  

وفيما أدان السيستاني الضربات الأميركية ودعا إلى احترام السيادة العراقية، أكد أن السلطات الرسمية العراقية هي وحدها المعنية بالتعامل مع تلك الممارسات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنعها.

ودعا السيستاني، في بيان وزع على وسائل الإعلام، السلطات العراقية إلى “العمل على عدم جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وتدخل الآخرين في شؤونه الداخلية”.

ومساء الاثنين، لوّحت السلطات العراقية بإعادة النظر بالاتفاقية الأمنية مع التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وتتيح الاتفاقية للتحالف الدولي التحليق في الأجواء العراقية ونشر قواعد وجنود على أراضيه.

من جانبها، قالت وزارة الخارجية العراقية أنها ستقوم باستدعاء السفير الأميركي لتسليمه مذكرة احتجاج على قصف قوات بلاده لمقاتلين عراقيين.

ويعاني العراق تظاهرات واعتصامات حاشدة منذ الأول من تشرين الأول / أكتوبر الماضي أدّت إلى مقتل نحو ٤٩٠ عراقيّاً وجرح أكثر من ٢٠ ألف آخرين.

وقد أدت التظاهرات إلى انسداد سياسي بعد استقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وتفجّر خلاف بين الأحزاب السياسية بشأن إيجاد مرشح بديل لرئاسة الحكومة.

صراع المحاور 

وأدى تعرّض المتظاهرين المتعاطفين مع الفصائل المسلحة للسفارة الأميركية إلى انقسام في العراق بين مؤيد لهذه الخطوة ومعارض لها. 

وأعلن معتصمو ساحة التحرير، عبر مكبرات الصوت، براءتهم من التعرض للسفارة الأميركية ودخول المنطقة الخضراء، فيما اعتبر تحالف الفتح، الذي يمثّل الفصائل المسلحة في البرلمان العراقي، أن ما حصل أمام السفارة الأميركية رد فعل طبيعي على القصف الأميركي لكتائب حزب الله.

وحذر مراقبون من أن التمادي أكثر في إثارة الإدارة الأميركية قد يؤدي إلى إخراج العراق من دائرة الاستقلال بالقرار السياسي وإدخاله في المحور الإيراني.

ويمتلك الساسة العراقيون مجموعات على تطبيق “واتساب” يتداولون فيه الآراء السياسية. واطلع “آسيا تايمز” على بعض الحوارات التي شهدت شدّاً كبيراً.

ويرى سياسيون يمثلون المناطق ذات الغالبية السنية في شمال وغرب العراق أن الفصائل المسلحة المقربة من إيران تجر العراق إلى سياسات قد تؤدي إلى خسارته مالياً وسياسياً، وتؤدي إلى زعزعة استقراره بشكل كبيرة. ويتفق ساسة أكراد في إقليم كردستان مع الطرح ذاته.

إلا أن هذه الشخصيّات السياسية والأحزاب لم تعلن رأيها حتى الآن، صراحة، بشأن التعرّض للسفارة الأميركية.

ويخشى العراقيون أن يتحوّل العراق إلى أرض للصراع الإيراني – الأميركي، وهو ما يعني خوض حروب بالوكالة على أراضيه التي لم تسلم من الحرب منذ أكثر من عقد ونصف العقد. 

Join the Conversation

21 Comments

  1. Today, I went to the beachfront with my children. I found a sea shell and gave it to my 4 year old daughter and said “You can hear the ocean if you put this to your ear.” She put the shell to her ear and screamed. There was a hermit crab inside and it pinched her ear. She never wants to go back! LoL I know this is completely off topic but I had to tell someone!| а

  2. Can I just say what a relief to find somebody who actually knows what they’re discussing on the web. You definitely realize how to bring a problem to light and make it important. More people must read this and understand this side of your story. I was surprised that you’re not more popular because you definitely have the gift.| а

  3. We are a bunch of volunteers and opening a brand new scheme in our community. Your website provided us with valuable info to work on. You’ve performed an impressive process and our entire community will be thankful to you.| а

  4. When I initially commented I clicked the “Notify me when new comments are added” checkbox and now each time a comment is added I get three emails with the same comment. Is there any way you can remove me from that service? Bless you!| а

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *