تستعد سلطات مكافحة الإرهاب الإندونيسية للسماح بعودة مئات من مقاتلي الدولة الإسلامية المسجونين وعائلاتهم، بشرط واحد: أن يتخلوا عن الفكر المتطرف الذي دفعهم للذهاب لسوريا والعراق.
سيتم دراسة الحالات في سوريا، إلا أن رئيس هيئة مكافحة الإرهاب سوهاردي آليوس اعترف في مقابلة مع مجلة “تمبو” الإندونيسية أنها لن تكون مهمة سهلة، مؤكداً أنه لا يجب الاستخفاف بتأثير السيدات بشكل خاص.
حذر مجلس الأمن في وقت سابق من هذا العام من خطورة الاعتقاد بأن الرجال العائدين أخطر من النساء، حيث قالت المنظمة: “النساء يلعبن دور مهمة في عملية الاستقطاب والبروباجاندا داخل تنظيم الدولة الإسلامية. حتى لو لم يشاركن في القتال، إلا أنهن تملكن القدرة على نشر الفكر المتطرف وتشجيع الآخرين على تنفيذ هجمات.”
تحاول عدة بلدان غربية منها فرنسا وبريطانيا والنرويج تفادي مسؤوليتهم تجاه مواطنيهم العالقين، مؤكدين أن المشاكل اللوجستية والمخاطر الأمنية قد تجعل من المستحيل بالنسبة لهم تقديم أي مساعدة.
بينما قامت بلاد أخري، منها تركيا وكوسوفو وروسيا وأوزباكستان وطاجيكستان، بالفعل بإعادة توطين مئات من مقاتلي الدولة الإسلامية السابقين، إلا أنهم لم يوضحوا ما حدث لهم بعد عودتهم لأوطانهم.

Rudianto
بجانب 200 سيدة وطفل إندونيسيين في معسكر الهول المكتظ القريب من الحدود السورية-التركية، ليس لدى هيئة مكافحة الإرهاب الإندونيسية تقدير واضح لعدد الإندونيسيين من الألف مقاتل أجنبي الذين تتحفظ عليهم القوى السورية الديمقراطية فقط
قتل أكثر من 120 مقاتل إندونيسي في العراق وسوريا منذ 2014، إلا أن هناك إعتقاد بوجود 200 آخرين، ليس كلهم مقاتلون، في السجون الكردية، بحسب سيدني جونز، مدير معهد تحليل سياسات الصراعات ومقره جاكارتا.
من بين المسجونين البارزين منور خليل، 32 عام، والذي قام بدور محوري في استقطاب الأعضاء الجدد قبل ذهابه لسوريا في 2012. خليل محتجز مع قيادات أخرى في سجن المالكية في منطقة الحدود الثلاثية بين سوريا وتركيا والعراق.
ليس لدى وزارة الخارجية الإندونيسية معلومات عن تقديم مواطنيها للمحاكمة في العراق، حيث حكمت المحكمة بالفعل على 500 مقاتل بأحكام تتراوح بين السجن المطول والإعدام، في أحيان كثيرة فقط بتهمة الانضمام للتنظيم.
غالبية السيدات والأطفال الإندونيسيين في معسكر الهول جاؤوا من بلدة الباغوز شرق سوريا حيث خاض تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاركه مع قوات سوريا الديمقراطية الكردية في شهر مارس/آذار الماضي بينما تضاءل حكم سيطرة التنظيم من آلاف الكيلومترات لجيب صغير.
يقول المسؤولون لأكراد أن الخطر من الخلايا النائمة في الرقة ودير الزور ما زال مستمر حتى الوصول لحل سياسي في الصراع السوري.

بعد بيع كل ممتلكاتهم، قام الكثير من المعتقلين الإندونيسيين بحرق جوازات سفرهم بعد وصولهم لسوريا، وهو ما تركهمرسمياً بلا دولة حتى وصول السلطات لشهادات ميلادهم وعائلاتهم للتأكد من هوياتهم.
قامت الحكومة الإندونيسية بالتواصل مع الشرطة في أنقرة ودمشق وطلبت من السلطات التركية ترحيل المسجونين الإندونيسيين على طائرات إلى جاكرتا مباشرة، حتى لا يتسنى لهم الهروب في حالة المرور عبر بلد ثالث ودخول بلادهم متخفيين.
بحسب تقارير المخابرات، قد يكون هناك 500 إندونيسي لا يزالوا في سوريا، إلا أن عدد غير معلوم من المقاتلين الذين لا يريدون العودة لبلادهم قاموا بعبور الحدود من تركيا والعراق إلى إيران في طريقهم لأفغانستان للانضمام لفرع التنظيم المتنامي في خراسان.
يقول أليوس رئيس هيئة مكافحة الإرهاب الإندونيسية أته لا يمانع محاكمة المقاتلين الإندونيسيين في محاكم دولية بأعمال إرهابية محددة.
أما بالنسبة للعائدين، فيبقى الأمان هو الأولوية الأولى، خاصة أن أحد العائدين لعب دوراً في الهجمات الانتحارية في سرابايا العام الماضي والتي راح ضحيتها 28 شخص.
قال أليوس لتمبو: “من الأساسي القضاء على هذه البذور (الإرهابية)، يجب أن نركز انتباهنا على المواطنين الإندونيسيين، ولكن يجب أن نحمي إندونيسيا أيضاً. إذا استطاعوا ببساطة العودة هكذا سوف يعاد اختراقنا وستكون كارثة.”
عاد العديد من الإندونيسيين لموطنهم من الشرق الأوسط بعد زوال أوهامهم وفقدانهم لكل شيء بعدما تم استقطابهم لوهم الحفاظ على الخلافة ثم مواجهتهم لوحشية لم يتخيلوها من قبل.

Ismoyo
لا تزال خلايا التنظيم نشطة في أنحاء إندونيسيا. في الشهر الماضي فقط، أحبطت قوات مكافحة الإرهاب مخطط لشبكة جماعة “أنصار الدولة” الإرهابي لتنفيذ هجمات انتحارية أثناء مظاهرات في جاكارتا تتهم الدولة بتزوير الانتخابات الرئاسية في إبريل/نيسان.
لا يوجد كيان موحد يجمع المجموعات الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية في إندونيسيا ومنهم جماعة أنشاروت دواة، وهو ما يجعل القضاء عليهم أصعب، بحسب محللين.
من الواضح أيضاً أن هجمات سرابايا وحوادث عنف أخرى كانت من عمل إرهابيين محليين لم تطأ أقدامهم العراق أوسوريا.
يقول المحللون، بينما يتوجه الاهتمام الآن لاسترجاع الإندونيسيين الذين لا يشكلون خطر من الشرق الأوسط، يجب أن تركز هيئة مكافحة الإرهاب جهودها على برنامج علاج التطرف.
“يجب أن يكونوا مستعدين لدعم هؤلاء الأشخاص لمدة عامين أو ثلاثة،” يقول أحد خبراء الإرهاب. “بعد خروجهم من البرنامج، لن يكون لديهم أي أموال أو عمل. ماذا سيفعلون حينها؟ هو لا يرون أي مستقبل لأنفسهم، أين سيذهبون؟”