تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين خارج مقر شرطة هونج كونج مساء الجمعة، مطالبين باستقالة القائدة التنفيذية الموالية لحكومة الصين والإفراج عن المتظاهرين الذين تم القبض عليهم أثناء أكبر أزمة سياسية تواجهها المنطقة المستقلة التابعة للصين منذ عقود.
لم تلقى مطالبات المتظاهرين إستجابة، إلا أنهم فاجؤوا الحكومة بمحاصرة عدة مباني حكومية.
تجمع بضعة مئات من المتظاهرين خارج مبنى المجلس التشريعي في منطقة “أدميرالتي” حيث تتمركز المكاتب الحكومية فيما وصفوه بال”تصعيد” في حراكهم ضد قانون تسليم المطلوبين للصين.

طالب المتظاهرون بسحب القانون والإفراج عن المتظاهرين المتهمين ب”أعمال الشغب” والقيام بتحقيق شامل في استخدام الشرطة للقوة المفرطة ضد المتظاهرين.

حاصر آلاف المتظاهرين الذين يرتدون الأسود ويحمون أنفسهم بخوذات ونظارات واقية مقر الشرطة في شارع “أرسينال” بمنطقة وان شاي، وهو ما أجبر مسؤولي التفاوض على الخروج وسؤال المتظاهرين عن مطالبهم. إلا أن المتظاهرين رفضوا التفاوض واستمروا في الهتاف مطالبين بالإفراج عن المتظاهرين.

في نفس الوقت قام المئات من المتظاهرين باحتلال شارع هاركورت وتيم مي وهو ما تسبب في توقف المرور.

في منتصف اليوم، سيطر المتظاهرون على بهو مبنى برجي ريفينيو والهجرة، وهما ناطحتا سحاب تحوى مكاتب حكومية، بالإضافة لمكاتب الحكومة الموجودة في منطقة كوينسواي.
بعض الموظفين الذين خرجوا لراحة الغذاء لم يستطيعوا العودة داخل المبنى بعدما قام المئات بحجب البوابة.
كانت الرئيسة التنفيذية لهونج كونج كاري لام تشنج اعتذرت للمتظاهرين الأسبوع الماضي وقررت تعطيل القانون الذي أثار غضبهم، إلا أن هذه الخطوة لم تكن كافية لتهدئة الحراك المتصاعد.

مقترح قانون يشعل الأزمة
بدأ الجدل حول القانون في 13 فبراير/شباط عندما قدمت حكومة هونج كونج التعديلات التي تمنح الرئيسة التنفيذية سلطة تفعيل عملية قانونية تتيح تسليم المشتبه بهم لبلاد أخرى، منها تايوان وماكاو والصين.
قالت الحكومة أن التعديلات تهدف لتسليم تشان تون كاي، الذي اعترف بقتل صديقته الحميمة وهي من هونج كونج، أثناء رحلة لتايوان في فبراير/شباط 2018. تم حبس تشان في هونج كونج بتهمة غسيل الأموال في أكتوبر/تشرين الأول، لقيامه بسحب الأموال من بطاقة الضحية.
فشلت اللجنة المكلفة بمناقشة القانون في اختيار رئيس في خضم صراعات بين المعسكرين المتحيز للديمقراطية والموالي للنظام، ولجأ الأخير لمجلس النواب لاختيار النائب إبراهام لايهيم، الموالي للنظام والرأسمالية، لقيادة اللجنة. فشل لايهيم في 11 مايو/أيار في بدء الإجتماع بسبب الهرج والمرج الذي ساد القاعة.
أصبح الموقف أكثر تعقيداً مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة والتي بدأت في شهر مايو. قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 10 مايو برفع الجمارك ل25% على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار. كما وضعت وزارة الخارجية شركة هواوي الصينية للتكنولوحيا على قائمة الشركات المحظور التعامل معها لأسباب متعلقة بالأمن القومي، وهو ما يمنع الشركات الأمريكية من بيع الخدمات للشركة التي يقع مقرها في شينزن.
قال وانج زيمين، مدير مكتب التنسيق بالحكومة المركزية في هونج كونج، في 17 مايو بعمل اجتماع مع النواب الموالين للحكومة، قائلاً أن الحكومة الصينية تريد تمرير قانون تسليم المطلوبين بمجلس نواب هونج كونج.
في الأسابيع الثلاثة اللاحقة، قامت قطاعات مختلفة في هونج كونج بالتعبير عن قلقها إزاء مشروع القانون إلا أن لام استمرت في الضغط لتمرير القانون حتى 12 يونيو.

الشارع ينتفض
بين الساعة 2:30 ظهراً والعاشرة مساءاً في 9 يونيو، تجمع 1.03 مليون متظاهر في شوارع هونج كونج لمعارضة مشروع القانون، بحسب تقدير منظمي الحراك. استمر بعد ذلك الآلاف في التظاهر.
قالت حكومة هونج كونج في بيان في حوالي الساعة 11 ليلاً أن جهود تمرير التعديل ستستمر في 12 يونيو، وهو ما تسبب في صدام بين المتظاهرين الشباب والشرطة المسلحة. تم محاصرة 200 شخص، معظمهم في سن 18-25، من قبل الشرطة واتهامهم بأعمال الشغب.

في مساء 11 يونيو قام آلاف المتظاهرين بالتجمع أمام مبنى مجلس النواب في منطقة أدميرالتي. في الثامنة صباحاً من يوم 12 يونيو، احتل المتظاهرون كل الشوارع الرئيسية في المنطقة، ومنها الشارع الذي تقع فيه مداخل مجلس النواب ومقرات حكومية.
فشل مجلس النواب من البدء في الإجتماع الذي كان من المقرر عقده الساعة 11. لم تكن الشرطة اتخذت أي رد فعل حتى بدأت في إطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين في ال3 ظهراً. استمرت عملية إخلاء الشوارع حتى منتصف الليل وتراجع المتظاهرون.
قامت لام ورئيس الشرطة لو واي تشونج بالإشارة لمظاهرات 12 يونيو ب”الشغب المنظم”.
منذ اندلاع التظاهرات الكبيرة حاولت حكومة الصين إبعاد نفسها عن الأمر مع تصاعد الغضب الشعبي.أكد لو زياومينج سفير الصين لبريطانيا لقناة البي بي سي: “لم تعطي الحكومة المركزية أي تعليمات أو أوامر فيما يخص التعديل.”
ادعت الحكومة، بحسب تقارير إعلامية، قيام حكومات أجنبية بدفع التظاهرات بهدف قيام ثورة مثل التي قامت في الاتحاد السوفيتي سابقاً والبلقان في بداية الألفينات. ألقت حكومة الصين اللوم على القوى الخارجية، وهو تعبير تستخدمه للإشارة للبلاد الغربية.
. أعلنت الرئيسة التنفيذية لام مساء الجمعة في اجتماع مع مسؤولين تعليق مناقشة التعديل. رغم الخطوة التي تسعى للتهدئة، تستمر الأزمة السياسية في هونج كونج والتس ستترك أثر في قلوب الكثير من المواطنين.