موافقة الحكومة التايلاندية على قانون الشراكة المدنية قد يفسح الطريق قريباً للاعتراف القانوني بزواج المثليين، لتكون تايلاند هي البلد الآسيوي الأول الذي يتحرك في هذا الاتجاه التقدمي.
ما زال المشروع، الذي مررته الحكومة العسكرية في 25 ديسمبر/كانون الأول، يحتاج موافقة الهيئة التشريعية ليصبح قانون. تشير التقارير المحلية لوجود عدد كبير من التشريعات أمام البرلمان ما يرجح أن المشروع لن يناقش حتى إجراء انتخابات في 24 فبراير/شباط وتشكيل حكومة جديدة بعدها.
بينما تعرف تايلاند عالمياً بباراتها المخصصة للمثليين، ومسابقات جمال المتحولين جنسياً وعمليات التحول الجنسي، إلا أن المملكة ما زالت بعيدة عن تحقيق الحماية والاعتراف بمجتمع المثليين والمغايرين جنسياً الكبير فيها.
بينما اعتبر الأغلبية تمرير الحكومة لمشروع القانون خطوة مهمة تجاه المساواة في الحقوق للمثليين، يعترض بعض من أعضاء المجتمع على تفاصيل مشروع الشراكة المدنية.
تقول وانابونج يودموانج، باحثة في حقوق الإنسان في مؤسسة مانوشية وناشطة تايلاندية متحولة جنسياً، أن مشروع القانون ليس بالتقدمية التي يدعيها داعموه.
تقول: « ما زال المشروع ينقصه الكثير من الحقوق الأساسية التي يحتاجها مجتمع المثليين والمغايرين جنسياً، يتمحور هذا القانون حول السماح للشركاء من نفس النوع أن يكون بينهم شراكة تسمح لهم بإدارة الأملاك معاً، إلا أنه ينقصه الكثير من الحقوق».
لا يتطرق مشروع القانون لحق الشركاء من نفس النوع في التبني، بحسب وانابونج، التي عمل سابقاً كمستشار قانوني عن حقوق المتحولين جنسياً في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، حيث ساهمت في تطوير توصيات للحكومة التايلاندية.

AFP Forum via Bangkok Post/Apichart Jinakul
تعتبر تايلاند متقدمة فيما يخص تعاملها مع المثليين والمغايرين جنسياً مقارنة بجيرانها مثل ماليزيا وإندونيسيا حيث يواجه المجتمع المثلي مشاكل قانونية وتمييز كبير. يعتبر العالم بشكل كبير أن تايلاند رائدة في المنطقة في تقبل ودمج المثليين والمغايرين جنسياً.
ولكن بالرغم من هذه السمعة، لا يزال مجتمع المثليين والمغايرين جنسياً في تايلاند محروم من حقوقه ويعيش في أوقات كثيرة تحت تهديد الاضطهاد.
بحسب تقرير صدر عن برنامج المساعدات بالولايات المتحدة USAID وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، هناك مجتمع كبير من المثليين في آسيا، إلا أنه يعيش في الظلام خوفاً من الاضطهاد.
بحسب التقرير، في أحيان كثيرة لا يتم تسجيل أو الإعتراف بالمجتمع المثلي رسمياً، في المؤسسات الدينية والحكومية والتعليمية.
تقول وانابونج أن ذلك يعود في تايلاند للفكر الديني، حيث يرى الكثير من التايلانديين أن المثلية لا تتماشى مع بوذية تيرافادا، وهي الديانة الرئيسة في تايلاند والتي تؤثر على الثقافة والتقاليد والقيم.
تقول أنه قد أصبح من الواضح الآن أن القناعات البوذية المحافظة العميقة كان لها دور رئيسي في وقوف الحكومة في طريق الكثير من حقوق المثليين جنسياً مثل الزواج والتبني.
بالرغم من كونها مسرح لصناعة تحول جنسي معروفة عالمياً، لا يتم تغيير الجنس رسمياً في تايلاند، وهو ما تسبب بالكثير من المشاكل لمجتمع المغايرين جنسياً هناك. كشف تقرير آخر لمنظمة التنمية بالأمم المتحدة أن المتحولين جنسياً يواجهون تحديات كبيرة في تايلاند.

يقول التقرير أن حياة المتحولين جنسياً على الأخص صعبة، لأن تصنيفهم الجنسي القانوني يختلف عن تعريفهم الشخصي، وهو ما يسبب المشاكل في التعاملات العامة من فتح حساب في البنك للسفر حيث أن مظهرهم لا يتوافق مع النوع المثبت على أوراقهم الرسمية. وجد التقرير أيضاً أن العديد من المتحولين جنسياً يواجهون مضايقات من المسؤولين الحكوميين بسبب التعارض في هوياتهم.
تقول وانابونج: «هذا هو أساس الكثير من المشاكل بالنسبة لنا لأنه يؤدي للكثير من التفرقة. مثلاً، عندما يذهب أحدهم لمقابلة عمل، ويرى الناس أن الأوراق الرسمية لا تتناسب مع هويته، يثير هذا الأسئلة ويؤدي للوصم وقد يجعلهم يعيدوا النظر في توظيف الشخص».
تتفق الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية مع التقرير.
يقول مارتن هارت-هانسن، نائب ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تايلاند: «غياب التعرف الجنسي يؤدي للتهميش المجتمعي والوصم والتفرقة والعنف عندما يتم اعتبار أن الأشخاص حادوا عن الأعراف الجندرية لأن هويتهم الجنسية لا تتوافق مع النوع الذي نسب لهم عند الولادة».
ويضيف: «الهدف من الإعتراف القانوني بالنوع هو التخلص من هذه الفجوة عن طريق الإعتراف قانونياً بالهوية الجندرية للشخص المتحول جنسياً».
رغم اتخاذ تايلاند خطوات مهمة في اتجاه الاعتراف بحقوق المثليين والمغايرين جنسياً، إلا أن الخبراء الإقليميين يقولون أن البلد والمنطقة لا يزال أمامها شوط كبير.

يقول هنري كوه وهو ناشط في حقوق المثليين والمغايرين جنسياً بمنظمة فورتيفاي رايتس أن مشروع القانون التايلاندي الجديد يمثل تقدم إلا أنه لا يلبي كل احتياجات المجتمع المثلي والمغاير جنسياً في تايلاند.
«مشروع قانون الشراكة المدنية هو قفزة هائلة في الإتجاه الصحيح وهو إعتراف بالشراكة من نفس النوع في تايلاند، إلا أن المشروع المقترح ينقصه بعض الحقوق الأساسية والحماية لهذه الشراكات من نفس النوع».
هذه الحقوق تتضمن، بحسب كوه، تقنين استخدام الأمهات البديلة و حق اتخاذ القرارات الخاصة بالشريك في حالة المرض الشديد أو الغيبوبة، والحق في الحصول على إسم عائلة الشريك.
يشعر البعض بالقلق من ردود فعل المجتمع المحافظ على تمرير القانون. هناك أسباب تاريخية مخزية لهذا القلق. في 2009، قام مجتمع المثليين والمغايرين جنسياً في مدينة تشيانج ماي الشمالية بتنظيم موكب للاحتفاء بما كان يبدو إنجاز مهم آخر.
بعد بداية الموكب بوقت قصير، اعترض بعض السكان الموكب وهددوا باستخدام العنف، مما أدى لوقف الحدث. قام متظاهرون معادون للمثليين بإجبار منظمي الحدث على الاعتذار عن «إهانة الثقافة التايلاندية».

Forum/Anusak Laowilas
تقول وانانبونج أن مثل هذه الأحداث تظهر الرفض المبطن والذي كثيراً ما يتم تجاهله من الكثير من التايلانديين.
«من الغريب بالنسبة لي أن أكون في بلد تبدو أنها تتقبل المتحولين جنسياً إلا أنهم ليسو معترف بهم في القانون بعد، وعندما نتحدث لصناع القرار دائماً ما يلجؤون لحجة أن البوذية لا تتقبل ذلك. بالنسبة لي، يشير هذا لأن البلد تتحمل وجودنا فقط ولكنها لا تتقبلنا فعلاً».
ترجمة: هبة عفيفي