نعم هذا كائن فضائي أمامك. إنه عملاق، ومرعب، وهو يلقي كرات النار عليك باستخدام المخالب البارزة من ظهره. تشعر بالفزع وتطلق النار. يخر الفضائي صريعاً على الأرض. ولكن لا يوجد وقت للراحة، المزيد من الفضائيين يتجهون إليك. لا تستطيع رؤيتهم ولكنك تسمعهم في الزوايا المظلمة من المخزن. تبحث عن مخرج في هلع. أمامك، كل شيء يحترق. نعم! ها هو! على يمينك! مصعد! تسرع إليه. بوم! تستدير. بوم بوم!
قام فضائي خلف باب المصعد بثني الحديد أمامك، بالقرب من رأسك. لكن المصعد يهبط، بعيداً عن الرعب.
تلقي برأسك للوراء وتأخذ نفساً عميقاً. ثم تخفض رأسك وتخرجه. وفي هذه اللحظة تدرك الأمر. شيء ما ليس على ما يرام. ليس على ما يرام على الإطلاق. تتعثر، تغلق عينيك، ترفع يدك، ينتزع أحدهم سماعة الرأس من على رأسك. لقد عدت للعالم الحقيقي، في مساحة كبير وفارغة من الناس. تشعر بالتشوش لعدة ثواني. تسألك سيدة بابتسامة قلقة: «أنت بخير؟» ترد: « آسف، شعرت ببعض الدوار فقط». تقودك إلى دكة لتجلس عليها، بينما تحاول انت تجاهل حقيقة أن المشي على الأرض يشعرك كأنك تترنح على سطح مركب في بحر هائج.
تنزل شنطة الكتف التي تحتوي على الأجهزة التي تجعل هذه التجربة الافتراضية ممكنة. تخلع جوارب الاستشعار. تسلم المسدس البلاستيكي. الآن أصبح كل شيء جاهزاً للمجموعة القادمة التي تنتظر لتقتل الفضائيين.
تسمى هذه اللعبة مورتال بليتز (معركة الموت)، وطورتها شركة سكونك الكورية الجنوبية. يوجد عدة نسخ من هذه اللعبة، إلا أن هذه النسخة مميزة، فقد صممت خصيصاً من أجل «ساحة الواقع الافتراضي»، وهو مركز ألعاب واقع الافتراضي ممتد على أربعة أدوار بنته الشركة في حي هونجداي الشبابي في مدينة سول.
لا يشعر الجميع بالغثيان من التجربة، إلا أن هذا ما حدث معي. في عالم الواقع الافتراضي، تشعر بالدوار إذا نظرت للأسفل وأدركت أن الخدع البصرية ممتدة حتى الوسط فقط، وأن قدميك وساقيك غير موجودين.
ازدهار القطاع الافتراضي
ستفهم ما أقوله إذا كنت جربت الواقع الإفتراضي من قبل. ولكن ليس إذا كانت تجربتك تقتصر على سماعات الرأس الموصلة على التليفون مثل جوجل كاردبورد – فهذه الأجهزة تجعلك ترى مشاهد بمنظور 360 درجة ولكن لا تتفاعل معها.
سماعات الرأس المتصلة بالكمبيوتر مثل إتش تي في فايف، أوكولوس ريفت أو بلايستيشن الواقع الافتراضي لديها أجهزة تتبع أكثر تطوراً، تسمح لك بالتفاعل مع ما تراه. يمكنك أن تفعل أي شيء، من مقاتلة الفضائيين للقفز على لوح على ارتفاع أميال في السماء.

في كوريا الجنوبية، توجد تجارب متنوعة للواقع الإفتراضي. يوجد حوالي 300 صالة ألعاب واقع افتراضي في البلد، بحسب إحصاءات حديثة من منظمة صناعة الواقع الإفتراضي والواقع المعزز (كوفرا). تقوم الحكومة بتسويق صناعة الواقع الافتراضي منذ افتتاح الصالة الأولى في حي جانجنام.
الصناعة تزدهر، إلا أن مكسبها لم يقترب مثلاً من مكسب شركة سامسونج ربع السنوي. حققت صناعة الواقع الافتراضي في كوريا الجنوبية العام الماضي مكسب 810 مليون دولار.
يقول جيونج-هون شا، مدير الاستراتيجية والتخطيط بمنظمة كوفرا: «في 2015، كان 90% من انتاج الوقع الافتراضي في كوريا متعلق بالمحتوى. في 2018، انخفضت هذه النسبة ل50%، وتم توجيه الباقي للأجهزة (25%)، المنصات (15%) والشبكات (10%) .»
لكي يستمر في الازدهار ويصل لربح1.26 مليار دولار كما يطمح بحلول 2020، يجب أن يتغلب قطاع الواقع الإفتراضي على تحديين كبيرين.
الحركة في مقابل الغثيان
أولاً، يجب التخلص من غثيان الواقع الافتراضي. طورت كوفرا مجموعة من الإرشادات في محاولة لتحقيق ذلك. يقول جيونج-هون شا: «لقد تعاوننا مع مستشفيات وعاملين في الطب لتطوير قواعد تحد من غثيان الواقع الافتراضي، وهدفنا هو التخلص منه تماماً».
إلا أن هذه المهمة ليست بسيطة. لتفادي الشعور بغثيان الواقع الافتراضي، يجب أن يقوم الجسم بنفس التحركات التي يختبرها افتراضياً. إذاً، إذا كانت التجربة هي الغوص تحت الماء داخل قفص، يجب عليك أن تنزل بالفعل إلى الماء داخل قفص.
الجزء المشرق من الأمر هو أن من الممكن خداع العقل عن طريق إيهام الحواس. يقول يونج سون، الباحث في تطوير تجارب الواقع الافتراضي والحواس بجامعة سوجانج: «عوامل مثل درجة الحرارة، المناخ والذكريات قد تؤثر على إدراكنا».
مشكلة الحركة هي الأكبر، ومعظم المطورين فقدوا الأمل في إيجاد حلول لها. تقوم ألعاب ذات شعبية مثل سيريوس سام وإلفن أساسن على وقوفك في مكان واحد وإطلاق النار والأسهم بدون التحرك. يحد ذلك من الغثيان.
يقول ألكس يان-وون لي، مدير تطوير الأعمال بشركة VRotein، وهي شركة منصات كورية جنوبية، ومهمته الأساسية هي شراء الحقوق الحصرية لتوزيع الألعاب الأجنبية والمحلية: «إذا كانت تجربتك الأولى مع الواقع الافتراضي سيئة، قد يجعلك ذلك تتردد في تجربة أفضل التجارب المتاحة».

معركة الحقوق الفكرية
التحدي الثاني هو حاجة القطاع لحماية نفسه.
يشرح لي: «يقوم مالكو الصالات بشراء رخصة واحدة للعبة ويستخدموها على جميع الأجهزة». ألعاب الواقع الافتراضي في قلب انتهاكات للحقوق الفكرية في كوريا والعالم. قامت شركة VRotein بمقاضاة عدة صالات ألعاب.
يقول لي: «ترد الصالات على الاتهامات بالقول أنهم يجدون صعوبة بالفعل في تحقيق مكاسب بدون شراء الرخص الإضافية لكل جهاز، ولكن ماذا بشأن المطورين والشركات الناشئة؟»
في صالة «ساحة الواقع الافتراضي» تستخدم شركة سكونك ألعابها الخاصة. بعض التيمات تحظى بشعبية أكثر من أخرى. يقول جيونج جين-هو، مدير الصالة: «ألعاب النجاة تستغرق وقت طويل ولا تجلب الكثير من الأرباح، ألعاب الرعب تحظى بشعبية كبيرة».
تذهب مجموعات من الأصدقاء إلى الصالات، يصورون بعضهم، ويضحكون على ردود أفعالهم. لا يستطيع الناس منع أنفسهم من الصراخ في كل مرة يظهر فيها شبح. إلا أن التجربة لا يبدو أنها تشجع الزبائن على العودة مرة ثانية.
سائح أمريكي قال أن إسمه زين جرب لعبة المعركة المميتة كأول تجربة واقع افتراضي له. كانت تجربة إيجابية إلا أنه يقول: «أنت على حق، كانت ستكون تجربة أفضل كثيراً إذا كان لدي قدمين في اللعبة!»

ترجمة: هبة عفيفي